من دون شك يختلف التعليم عن التعلم، فالتعليم ذو طبيعة رسمية والمحتوى التعليمي يتم تحديده مسبقا وفيه تقرر الخبرات التي ينبغي على المتعلم اكتسابها، بعد ذلك تتم مراقبة وتقييم نتائج هذا التعليم لتعطينا بدورها بيانات يتم استثمارها في تخطيط خبرات التعلم الجديدة. وهذا رغم ما فيه من علمية و مرجعيات تربوية، إلا أنه تعتريه بعض النقائص التي تجعله على المحك، ولعل أهم ملاحظة تبرز للعيان هي كون التعليم موجِها ميكانيكيا و تلقائيا للمتعلم بشكل يجعله – أي المتعلم – مقيدا لا يتوفر على مجال كاف للإبداع والحرية.
يعتمد التعليم إذن على البيانات و الأهداف و التقييم و التخطيط و النظام، في حين أن التعلم شخصي وفوضوي قليلا، لهذا إذن يجب أن نعترف أن الاختلاف بين التعليم والتعلم اختلاف جوهري، وهذا شيء يجب دائما أخذه بعين الاعتبار عند التخطيط للدرس أو اقتراح أي نشاط.
– أريد أن أحاول وأجرب بطريقة مغايرة !
– لماذا هذا الأمر هكذا يا معلمي ؟ يمكن أن نكون على خطأ في تقديره وفهمه؟
– أريد أن أريكم ما يمكنني القيام به.
– أريد أن أعرف معلومات وتفاصيل أكثر.
كلها جمل إذا سمعتموها داخل فصلكم تأكدوا أنكم على السكة الصحيحة، وأن طلابكم مرتاحون في التعامل معكم، أما إن لم يسبق لكم سماعها فأنتم مدعوون إلى التمعن في هذه الأفكار الخمسة، التي من شأنها إن طبقت وتم العمل على تنفيذها من طرف المعلم والطلاب أن تساهم بشكل جزئي أو حتى كلي في جعل الطلاب فضوليين بالمعنى الإيجابي، من أجل البحث عن المعرفة وتمحيصها و نقدها وهذا كله يشكل لنا عاملا رئيسيا في رسم ملامح الطالب القادر على مواجهة المستقبل.
1- إعادة النظر في الأسئلة السابقة
ينشأ الفضول المعرفي انطلاقا من الأسئلة السابقة التي لم يتم الجواب عنها بشكل كامل أو تلك التي لم يبدل أي جهد في الجواب عنها لسبب من الأسباب. وعليه فالإجابات التي تم التطرق إليها سابقا ومناقشتها قد تبقى مربكة قليلا، لكن بالمعنى الإيجابي في تحفيز الطلاب على التفكير و التمحيص للوصول إلى المطلوب و قطع الشك باليقين، على اعتبار أن المعرفة ما هي إلا خطأ تم تصحيحه حسب كاستون باشلار.
طريقة العمل: إعادة النظر في الأسئلة القديمة باستخدام أي طريقة ترونها مناسبة لطلابكم، سواء عن طريق المناقشة أو العصف الذهني أو تدوين الملاحظات أو البطاقات أو سحابة الكلمات …
2- تعزيز الطموح
الطموح يسبق الفضول، فبدون الرغبة في التقدم وبدون التفكير و الإرادة و العزيمة و التصميم، يبقى الفضول مجرد رد فعل بيولوجي وعصبي للمنبهات الخارجية. في حين أن الطموح هو ما يجعلنا بشرا وطبعا فتوأم الطموح هو الفضول أو بتعبير أبسط لا طموح من دون فضول.
طريقة العمل: اختيار أنشطة تنافسية، من قبيل أنشطة الند للند، أنشطة التعلم القائمة على المشروع أو أنشطة تشجع البحث عن المعرفة مثل الويب كويست.
3- اللعب
أهمية اللعب في التعليم و التعلم وطرق الاستفادة منه وضرورته وغير ذلك من التفاصيل لسنا بصدد مناقشتها اليوم، فقد أضحت تعتبر من البديهيات لدى العديد من المنظرين والتربويين والمدرسين. كل ما يسعنا قوله في هذا المقام، هو أن متعلما يتعلم عن طريق اللعب، هو دليل على وجود أهداف تتحقق شيئا فشيئا ووجود بيئة تعليمية مناسبة يحبها المتعلم ويشتاق إليها، وهذا سيساهم من دون شك في تحقيق أفضل النتائج، فمتعلم يتعلم وهو يلعب بفضول يبقى متعلما نشيطا فاعلا غير سلبي.
طريقة العمل: في هذا المقام ندعوكم إلى اختيار ما ترونه مناسبا لطلابكم من أنشطة التعلم القائم على اللعب وألعاب المحاكاة و لعب الأدوار والأنشطة التعليمية القائمة على التحدي.
4- التعاون المناسب في الوقت المناسب
العمل التعاوني ليس مثاليا في جميع المواقف التعليمية، لكن عندما نرى النتائج الإيجابية التي يحققها زملاؤنا مع طلابهم، فذلك يصبح محركا للفضول بداخلنا يجعلنا نتساءل كيف فعلوا ذلك؟ كيف يمكن أن أحقق ذلك على طريقتي الخاصة؟ أي من تلك الأفكار ذات قيمة بالنسبة لي؟
طريقة العمل: تجميع المتعلمين ليس بالضرورة تعاونا، ولتحفيز التعاون ومنه الفضول التعليمي، يجب أن نوفر للمتعلمين فرصة للحصول على موارد و أفكار إضافية ينبغي استخدامها لإنجاز مهام متكاملة أو تحقيق أهداف سطروها ووضعوها لأنفسهم لا فقط إنهاء مهمة محددة.
5- استخدام محتوى متنوع و غير متوقع
يبقى المحتوى المتنوع العامل الأكثر قابلية لإغناء فضول المتعلمين: احرصوا دائما على اختيار مشاريع جديدة وألعاب جديدة وروايات جديدة وشعراء جدد وأشياء جديدة في كل مرة ليفكروا فيها…
طريقة العمل: دعوة الطلاب إلى فهم الحاجة إلى موارد متنوعة، ترتيب وتصنيف إحصائيات حسب الصنف، أو استخدام طريقة العصف الذهني لجمع الأفكار حول ظاهرة أو موضوع منوع.