على الرغم من تطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا الرقمية في العصر الحديث، كمظهر من مظاهر ثورة الاتصالات والمعلومات التي نعيشها اليوم، إلا أن تلك الوسائل ما زالت تقتصر على عملية تبادل المعلومات والملفات الرقمية، والاستفادة منها في تبادل الأفكار العلمية.
وتعد القراءة أهم مصدر من مصادر التعلم، يتم تدريسها في المراحل الدراسية الأولى ( مرحلة ما قبل المدرسة ) بهدف إكساب الطفل مهارات التعرف على حروف اللغة العربية وفهم معانيها، وتكوين الجمل الصغيرة والتعرف على الأرقام الحسابية، وإجراء عمليات الجمع والضرب والقسمة على أعداد صغيرة، ويكون هذا التعلم بمثابة اللبنة الأولى لتعلم اللغة العربية.
كما أن تطور مفهوم اللغة والقراءة يساعد المتعلم بشكل كبير على تعلم المواد الدراسية الأخرى، فلا يستطيع التلميذ أن يتعلم مادة أخرى وهو لا يجيد القراءة والكتابة، ولذلك أصبح من ضمن أهداف التربية في المراحل التعليمية الأساسية إجادة القراءة والكتابة، كما أن معرفة القراءة يعد عاملا أساسيا من عوامل نمو الشخصية.
وقد نجد أن صعوبة القراءة تؤثر بشكل واضح ومباشر على تعلم الطفل ومدى اكتسابه لمهارات أولية تساعده على النمو والتطور، ويسهم ذلك العجز في القراءة إلى أن يصل الطفل إلى مرحلة الهروب من التعليم والبحث عن مجال آخر يساعده على مواجهة مكابد الحياة.
ولو افترضنا أن هروب الأطفال من المدرسة في سن مبكرة بسبب عدم القدرة على القراءة والكتابة، يوجههم نحو تعلم بعض الحرف المهنية، فإنهم لا محالة سيصبحون مهنيا غير محترفيين لأنهم لا يجيدون القراءة، فبدونها لن يستطيعوا العد والحساب والفهم.
1- العيادات القرائية التقليدية
في الفصول المدرسية التقليدية ( المدارس الابتدائية ) نجد مجموعة من المتعلمين رفقة معلم اللغة العربية و الذي يعمل على تنمية مهارات القراءة لديهم، مع وجود بعض الوسائل التعليمية التي تساعدهم على استيعاب الحروف وقراءتها بالشكل الصحيح، إلى جانب مشاركة ولي الأمر في متابعة التلميذ في المنزل وتعويده على القراءة. ويطلق على هذا التجمع من التلاميذ مصطلح العيادات القرائية.
2- مفهوم العيادات القرائية الرقمية
يمكن تشخيص مشكلات القراءة عند الأطفال في أكثر من نوع، فمن الأطفال من لا يستطيع التعرف على الحروف، ومنهم من لا يستطيع قراءة الحروف داخل الكلمة، ومنهم لا يستطيع كتابة الحروف و الدمج بينها لتكوين كلمة أو جملة بسيطة، كما نجد أن معلمي اللغة العربية في المدارس الأساسية ليس لديهم الوقت الكافي لمعالجة كافة أوجه القصور الموجودة لدى التلاميذ وذلك لعدة أسباب منها:
- التزام المعلمين بالحصص الدراسية أكثر من انشغالهم بالعيادات القرائية.
- اعتبار أن العيادة القرائية مجهود إضافي من المعلم ولا يجازى عليه ماديا ومعنويا.
- انشغال المعلمين بالتكليفات الإدارية مثل تجهيز الإذاعة المدرسية والإشراف عليها.
- قلة الاستفادة من الحصص الاحتياطية في تشخيص الضعف القرائي لدى التلاميذ.
- قلة استخدام الوسائل المعينة على التدريس.
- ضعف تعاون أولياء الأمور مع إدارة المدرسة في الاهتمام بالطفل داخل المنزل والالتزام بتعليمات المدرسة.
ولكي نتغلب على هذه المشكلات جاءت فكرة إنشاء العيادات القرائية الرقمية وهي عبارة عن موقع إلكتروني يحتوي على العديد من الوسائط المتعددة ( الصوت والصورة والنص والرسوم الثابتة والمتحركة ومقاطع الفلاش ) والتي تساعد على جذب انتباه التلاميذ وزيادة تركيزهم في ما يعرض عليهم من وسائط تعليمية وقياس مدى تقدمهم في التعلم تحت إشراف المعلم في المدرسة وولي الأمر في المنزل.
فنجد أن هناك بعض التسجيلات المرئية التي تحتوي على شرح لحروف اللغة العربية مصحوبة بالعديد من الرسوم الثابتة والمتحركة والملائمة لأعمار التلاميذ في هذه المرحلة العمرية، يمكن تحميلها على الموقع وتوجيهها والاستفادة منها في تعليم الطلاب.
أ- مكونات العيادة القرائية الرقمية
تتكون العيادة القرائية الرقمية من مجموعة من العناصر منها:
- مكتبة للوسائط المتعددة ( صور ثابتة ومتحركة – مقاطع فيديو- أصوات – نصوص توضيحية ).
- أساليب تقويم رقمية متنوعة مرئية ومسموعة ونصية لقياس مدى التقدم في التعلم.
- إمكانية إضافة تسجيلات صوتية توضيحية بصوت المعلم.
- مستودع رقمي يحتوي على عناصر تعلم رقمية أو روابط لمستودعات رقمية.
- اختبارات تشخيصية مسموعة ومرئية لتشخيص الضعف القرائي.
- أفلام ترفيهية تعليمية لجذب انتباه التلاميذ.
والشكل التالي يوضح مكونات العيادات القرائية الرقمية:
ب- مميزات العيادات القرائية الرقمية
قد يكون الضعف القرائي نتيجة لخلل وظيفي في الحواس، فمن الممكن أن يكون هناك خلل في السمع لدى بعض التلاميذ فلا يستطيعون سماع الكلمات بشكل جيد من المعلم وبالتالي لا يستطيعون قراءتها بالشكل الصحيح، وأيضا قد يكون هناك ضعف في الإبصار لدى التلميذ فلا يستطيع رؤية الحروف والتمييز بينها، كما أن بعض التلاميذ يعانون من ضعف التركيز، وقد يكون الضعف لدى المعلم نفسه لعدم استخدامه طرق تدريس حديثة وفعالة وعدم الاستعانة بالوسائط التعليمية المناسبة.
إن العيادات القرائية الرقمية، بما توفره من إمكانات هامة، يمكنها أن تتغلب على معظم أسباب الضعف التي تم ذكرها عن طريق ما يلي:
- وجود مكتبة للوسائط المتعددة قد يساعد التلميذ على اختيار المحتوى التعليمي المناسب له بمساعدة المعلم.
- وجود الملفات الصوتية قد يساعد التلميذ على اختيار وضبط الصوت على الدرجة التي تمكنه من السماع بشكل جيد.
- وجود الملفات المرئية سيمكن التلميذ من ضبط الصورة والفيديو بالشكل الذي يساعده على الرؤية بشكل صحيح.
- مراعاة الفروق الفردية بين التلاميذ.
- تنوع طرق التدريس والتركيز على أساليب التعلم الذاتي.
- الاستعانة بمستودعات التعلم الرقمية.
- يمكن أن يتابع ولي الأمر التلميذ في المنزل.
- العيادة القرائية الرقمية متاحة كل الوقت وفي أي وقت ويمكن الدخول عليها متى أراد التلميذ.
- تنمية بعض الجوانب الإيجابية في شخصية التلميذ مثل حرية الاختيار والتركيز وبعض المهارات التكنولوجية.
مقال رائع وجديد ، وكيف يمكن الوصول لهذه العيادات الرقمية ؟
موضوع العيادات القرائية الرقمية رائع جدا ومن السهل توفيره حاصة في وقت التكنولوجيا التي تغزوا حياتنا ومدارسنا حاليا وشكرا جزيلا لك استاذنا العزيز
شكرا جزيلا لحضرتك