المستخلص:
تتناول هذه الدراسة واقع تطبيق التعليم عن بعد بالجامعات السودانية وفقا للمعايير العالمية ( جامعة النيلين أنموذجاً ). وترتبط مشكلة هذا البحث بمدى تطبيق المعايير العالمية للتعليم عن بعد، فالجامعات السودانية التي تطبق برامج التعليم عن بعد لا تضع للمادة الدراسية والمذكرات وكيفية تقويم الطلاب والنظم الإدارية واجراءات القبول والتسجيل معايير وضوابط ومقاييس تتوافق وتتماشى مع المعايير العالمية، فما يزال الفرق شاسعا بين الواقع وبين ما يجب أن يكون عليه وضع التعليم عن بعد في كافة برامجه الأكاديمية والإدارية والفنية، كما ترتبط مشكلة هذا البحث بمفهوم التقنيات التربوية باعتبار أن التعليم عن بعد أحد التجديدات التربوية التي تشكلت معالمها الحديثة على ضوء هذه التقنيات، حيث يتسع هذا المفهوم فيشمل الأساليب والنظم والبرامج القادرة على احداث التطور المطلوب في نظم التعليم التقليدية، ويكتسب البحث أهميته من طبيعة الموضوع نفسه، فالتعليم عن بعد رغم قدمه بحكم النشأة والتطور في الحقل التربوي إلّا أنه جديد على مؤسسات التعليم العالي في السودان.
يهدف هذا البحث إلى التعرف على مدى مطابقة المادة الدراسية الحالية في برامج التعليم عن بعد للمعايير العالمية من حيث الحداثة، كما يهدف إلى التعرف على جودة المذكرات الدراسية من حيث الطباعة ونوعية الأوراق ومدى مطابقتها لمعايير الجودة الشاملة. وانحصرت حدود الدراسة الميدانية في ولاية الخرطوم وعلى هذا الأساس تم اختيار طلاب التعليم عن بعد بجامعة النيلين باعتبارهم المجموعة المستهدفة. اتبع الباحث المنهج الوصفي مستخدماً الاستبانة كأداة، وأظهرت نتائج الدراسة أن الرسوم المقررة باهظة مما ينفر الطلاب من برنامج التعليم عن بعد، وأن هنالك علاقة بين الطلاب والمادة الدراسية المقررة عليهم، مما أسهم في تقبلهم لها، كما أظهرت نتائج الدراسة جودة طباعة المذكرات الدارسة مما زاد في حبهم وشغفهم لها، كما أظهرت نتائج الدراسة التزام الإدارة بضوابط الامتحانات، مما يؤكد جودة برنامج الامتحان أمام الطلاب. وعلى ضوء هذه النتائج تقدم الباحث بتوصيات: هي وضع خطط لتطوير المقررات الدراسية وفق منهجية منظمة ومحكمة، الاهتمام بالهياكل والنظم الادارية في وحدات التعليم عن بعد بالجامعات السودانية، والاهتمام بالمذكرات الدراسية تصميما وطباعة وإخراجا فنيا.
مقدمة:
يدخل العالم الألفية الثالثة بثورة معلومات واتصالات ضخمة وبتقنيات حديثة، كل ذلك يتم بصورة متسارعة ومذهلة، فالمعلومات تتدفق على مدار الثانية في كافة المجالات، وقطاع التعليم ليس باستثناء ولا بمعزل عن هذا التغيير الإيجابي نحو النهضة والتطور.
عالم تحكمه العولمة المتسارعة، وهذا يحتم الاستفادة من نتائجها الإيجابية حتى يكتب الاستمرار والتطور مع المنظومة العالمية، فإذا ضاع كل ذلك كُتب علينا التخلف عن الركب و الضعف والذبول. تعد استراتيجية التعليم عن بعد المستخدمة في الجامعات السودانية إحدى أدوات التغيير والتجديد في قطاع التعليم العالي، فهو نمط تعليمي يتميز بالفصل الجغرافي شبه التام بين المعلم والمتعلم، على أن يتم التواصل بينهما بوسائط مختلفة قد تكون بسيطة تقليدية كالكتاب، أو بواسطة التقنيات الحديثة
مثل الإنترنت. وفي كل الحالات فإن عملية التعليم تعتمد على المتعلم وتفاعله الذاتي، وينحصر دور المعلم في التوجيه والإرشاد والتقويم.
و الجامعات السودانية المنتشرة في كل الولايات لها تجارب رائدة مع التعليم عن بعد، فقد استخدمته كاستراتيجية حديثة في عملية تطوير التعليم وإحدى التجديدات التي يمكن بواسطتها التغلب على العديد من المشكلات التي تواجه مؤسسات التعليم العالي بالسودان. وفي هذا السياق وضعت الكثير من المؤسسات العالمية المتخصصة في برامج التعليم عن بعد معايير عالمية تتم مراجعتها من قبل هيئات متعددة، لتصبح هذه المعايير معتمدة من قبل مصممي الحلول والبرامج في مجال التعليم عن بعد على مستوي العالم. وهذه المعايير عبارة عن مقاييس وضوابط تعمل علي تحسين العملية التعليمية في الجامعات السودانية وترقيتها وصولا إلى مرحلة الجودة الشاملة في العملية التعليمية.
نشأة وتطور التعليم عن بعد:
يرجع الكثيرون بداية التعليم عن بعد إلى القرن الخامس قبل الميلاد حين انتشر أسلوب المراسلات العلمية بين افلاطون وتلاميذه، ثم صدرت الإجازة الملكية للطلاب الذين يدرسون في جامعة لندن عام( 1858 م)، ثم أعقبت ذلك ظهور العديد من الجامعات المفتوحة عالميا. أما جامعة جنوب أفريقيا فتعد أول جامعة تأخذ بنظام التعليم عن بعد بالكامل منذ( 1946 م).
ولم يكن السودان بعيدا عن نظم التعليم بالمراسلة منذ الخمسينيات من القرن العشرين فقد كان بعض السودانيين يتلقون دروسا في مجالات معينة عن طريق التعليم بالمراسلة من مراكز موجودة في مصر.
لكن التحول الأساسي في تطبيق هذا النظام في السودان بدأ عندما بدأت إدارة التأهيل التربوي أثناء الخدمة بوزارة التربية والتعليم تجربة التدريب الأساسي لمعلمي ومعلمات المدارس الابتدائية في عام( 1972 م) باستخدام (المنحى التكاملي متعدد الوسائط) وهو أسلوب معدل ومطور ليناسب البيئة السودانية وبه اضافات جديدة بعد أخذه من البرنامج الذي كانت تطبقه الأمم المتحدة من خلاله وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونوروا) وسط اللاجئين الفلسطينيين.
وقد توسعت وزارة التربية والتعليم في هذا النوع من التدريب بعد أن بدأته في 3 معاهد عام ( 1972 م) ليصل عدد هذه المعاهد في عام ( 1992 م) إلى 46 معهد تنتشر في معظم أنحاء السودان، كما انتشر عملها رأسيا لتشمل التدريب الأساسي لمعلمي ومعلمات المرحلة المتوسطة وتدريب الموجودين من الفنيين والمشرفين التربويين وتدريب مديري المدارس الابتدائية. (عثمان الشريف، 2001م، ص15). ويري الباحث أن هذه طفرة في استخدام الوسائط التعليمية في عملية التعليم عن بعد، فقد تطور أسلوب المراسلة إلى الانترنت والهاتف وغيرهما، ومازالت ثورة الاتصالات مستمرة مساعدة في عملية التعليم عن بعد.
الوسائط التعليمية في التعليم عن بعد:
تُستخدم في التعليم عن بعد جميع الوسائل التعليمية (الوسائط) التي تمكن الدارسين من الوصول إلى أهداف البرنامج الدراسي، وهنالك وسائط مباشرة وغير مباشرة، منها ما هو تقليدي شائع الاستخدام ومنها ما هو حديث وجديد.
الوسائط المتعددة هي مجموعة من الوسائط تشتمل الصورة الثابتة والمتحركة والصوت والنص وتعمل جميعها على التحكم في الحاسب الآلي في وقت واحد. يضاف إليها توافر البيئة التفاعلية. (جمال أبو النجاء، 1997م، ص16).
و تتضمن الوسائط التعليمية ما يلي (تيسير كيلاني ،1988،ص 16):
الوسائط المباشرة | الوسائط غير المباشرة |
المراكز الدراسية
اللقاءات الندوات والحلقات الدراسية المؤتمرات الهاتف النشاطات والمشروعات حقائب تعليمية |
الكتب والمطبوعات
المجلات الدورية أشرطة سمعية التلفزيون شرائط الفيديو برامج الكمبيوتر |
و تنقسم الوسائط التعليمية إلى نوعين، النوع الأول يتضمن الوسائط التعليمية التقليدية القديمة، أما النوع الثاني فيتضمن وسائط تعليمية حديثة وتضم وسائل إلكترونية على مستويات عدة تُستخدم جميعا لسد احتياجات التعليم ومتطلباته، حيث أنها توفر خطوات اتصالات ثنائية الاتجاه تمثل علاقة تفاعلية ما بين الدارس والمشرف الأكاديمي عكس الوسائل التقليدية. ومن أهم الوسائط الحديثة التي أثبتت جدارتها في التعليم عن بعد:(تيسير كيلاني،1988م، ص17).
تتمة المقال (الدراسة كاملة):
دراسة مهمة في واقع صعب ياريت لو كانت في النتائج احصائيات للمعايير ومدى توفرها لدى أعضاء هيئة التدريس. نحتاجها جدا
شكرا على المشاركة د.طارق