أصبح من شبه البديهي عدم قدرتنا على إعطاء تفسير واحد و وحيد لمشكل ما، و خصوصا إذا كان هذا المشكل معقدا كـ ” الفشل الدراسي “. فاستحضار المسؤولية الأبوية لايعني أن ننكر أن المؤسسة والمدرسين لديهم أيضا جانب من المسؤولية.
في الواقع، و منذ وقت طويل أثبت علم الاجتماع التربوي أن دور الأسرة هو الحاسم في تفسير العديد من الاختلافات في النتائج التعليمية من طالب إلى آخر. وكما يؤكد “بورديو” فالعديد من الدراسات أكدت تأثير عوامل مصدرها الأسرة على تعلم التلميذ، و من هذه العوامل نذكر الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ونشير إلى أن الاختلافات الثقافية قد تكون أكثر أهمية من غيرها من العوامل.
وحيث أن المدرسة تنشر ثقافة يمكن وصفها بأنها شرعية، أي الثقافة التي تفرضها الطبقة الحاكمة، نجد أنفسنا أمام استنتاج وحيد وهو أن للمدرسة مسؤولية كبيرة في إعادة إنتاج الطبقات الاجتماعية. وهذا ما يقودنا في الأخير إلى الوقوف بين رأي للمعلمين يقول أن هذا هو أحد مظاهر اختلال المؤسسة التعليمية، وبين رأي الآباء الذين يعتبرون أبنائهم ضحايا للعنف الرمزي و من دون أسلحة لمواجهته.
في السنوات الأخيرة لم يرض علماء الاجتماع كثيرا عن هذه المقاربة، فسعوا بذلك إلى قياس مظاهر من قبيل ما يمكن أن يصطلح عليه “تأثير المؤسسة” و “أثر المعلم”. فقد أرادوا أن يؤكدوا أن السياسة التعليمية المحلية لها من الأهمية ما يجعلها مركز اهتمام خصوصا إذا ما كان المعلم مهتما ومدربا بشكل يجعله يساعد في معالجة بعض مظاهر الحتمية الاجتماعية (إعادة إنتاج تفاوت طبقي واجتماعي).
يجب علينا كمربين أن نتساءل هل أشركنا الآباء فعلا في فعل التعليم ؟
بملاحظة صغيرة سيبدو لنا جليا من خلال حياتنا اليومية في التدريس، ما للدور الأسري من أهمية، فالنتائج التعليمية للطلاب تصبح أحسن و مخاطر الفشل الدراسي تقل كلما كانت الأسرة متابعة لتحصيل أبنائها الدراسي و تفتح معهم سبل الحوار لمناقشة ما يشغلهم.
أحيانا يتنصل الآباء و بكل سهولة من مسؤولياتهم عندما يرددون عبارات من قبيل: ابني أصبح طالبا في المرحلة الثانوية و هو قادر على تسيير شؤونه.
ومع ذلك، تجدر الإشارة أن للآباء الحق دائما في مراقبة الواجبات المنزلية لأبنائهم ومساعدتهم على العمل بفاعلية أكبر وتوجيه الملاحظات و كذا توفير شروط الدراسة السليمة، من قبيل إطفاء الحاسوب و الهاتف المحمول أثناء إنجاز الواجبات المنزلية، الشيء الذي يجعل الأبناء يتدربون على نظام حياة متوازن (التعود على أخذ قسط كاف من النوم، التعود على التخطيط للعمل…).
و في الختام، لانريد أن ننهي الموضوع بالوعظ و النصح، ولكن علينا أن نتذكر أمرا في غاية الأهمية: الآباء والأمهات والمعلمون ليسوا أعداء. فإذا كنا ننتظر الأخذ فعلينا العطاء أيضا كل حسب دوره. فالمسؤولية تقع علينا جميعا حتى لاتكرر الأنظمة التعليمية المزيد من التفاوت الدراسي و الاجتماعي، وبشكل صادم.